عندما أسمع هذه الكلمة ، تقفز الى مخيلتى تلك الصورة عندما كنت صغيراً ، صغيراً لدرجة تجعلنى أخاف الظلام ، مما يضطر أمى أن تجلس الى جوارى وتربت على كتفى بحنان حتى أشعر بالأمان والطمأنينة وأغوص فى نوم عميق .
هذا هو معنى " الطبطبة " بالنسبة لى ، فهذه الكلمة العامية التى تحمل من المشاعر والمعانى ما عجزت عن حمله الكثير من كلمات الفصحى ، تلك الكلمة التى تبعث فى نفوسنا الراحة والطمأنينة بمجرد سماعها أو التلفظ بها ، هى فى الحقيقة تذكرنا رغم ضعفنا وقلة حيلتنا بأن هناك كيان أكبر منا ، كيان يستطيع أن يحتوينا ، ليس فقط يحتوى أجسادنا حين ترتعش خوفاً أو قلقاً ، وإنما هو كيان قادر أن يحتوى أرواحنا أيضاً فيشعرنا بالسكينة والأمان .
" الطبطبة " فعل صغير فى أداءه ، عظيم فى تأثيره ومداه ، فعندما كنا صغاراً كانت أمهاتنا تمنحنا هذا الشعور الرائع بالأمان عندما كنا نختبئ فى أحضانهن وهن يربتن على رؤسنا و أكتافنا بحنان ، ثم أخذنا نكبر ، ونكبر ، حتى فهمنا أن أمهاتنا لا يملكن كيانات خارقة ، ولا يملكن كل هذا الأمان الذى كنا ننشده صغاراً ، فصرنا نلتمس السند والامان من بارئ الكيانات ، وصرنا نتوجه الى الله ونفر إليه متضرعين اذا ألمت بنا ضائقة أو شعرنا بخوف وقلق ، نتوجه الى الله ساجدين متضرعين نلتمس الأمان والعون والحول والقوة .
وظل معنى " الطبطبة " ساكناً فى قلوبنا قبل عقولنا ، وانى لأعرف من يتوجه الى الله يدعوه فى سجوده قائلاً :
" يارب أسألك حنانك ، يارب أسألك رحمتك ، يارب حن عليَّ و طبطب عليَّ "
فمهما كبرنا ، ومهما أشتد عودنا سنظل ننشد الأمان والطمأنينة ، ومهما ازداد فهمنا واتسعت مداركنا ستبقى كلمة " الطبطبة " لها ذلك الأثر الساحر الدافئ على قلوبنا ونفوسنا.
ولعل فى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ماهو كافٍ للدلالة على أهمية هذا العمل وعظم تأثيره ..
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" مَنْ مَسَحَ عَلَى رَأْسِ يَتِيمٍ كَانَ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ عَلَى يَدِهِ وَزْنٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " .
Wael Ebrahim