فى ليلة جميلة ، يغشاها السكون .. جلست .. يغمرنى الظلام ويتسلل الى صدرى نسيم الخريف المائل الى البرودة فيلف قلبى باحساس جميل .. ويبعث فى روعى الهدوء والسكينة .
اغمضت عينى فرأيت روحى تسبح فى الافق الفسيح ووجدت قلبى ينظر اليها فى قلق يسألها أن تعود ورأيت جسدى يقبع فى ملل واسترخاء وكانه لايعبأ بما يحدث وكأن الامر كله لايعنيه
ظللت أنظر اليهم .. روحى .. وقلبى .. وجسدى ....!!
كيف يعيش هؤلاء الأشتات فى حيز واحد ، روح لانهائية الطاقة .. غير محدودة فى شكل أو مكان .. تحلق فى كل مكان تتوق الى كل بعيد .
وقلب نابض بالاحساس .. يحاول أن يلحق بتلك الروح .. يحاول ان يترجم طموحاتها .. وينقل نوازعها الى حيز الوجود .. يحاول أن يسيطر على تلك الطاقة الهائلة التى تنتجها وتحملها
وجسد .. شديد التحديد .. ثقيل الوزن .. بطيئ الحركة .. عديم الاحساس .. فاقد الطموح .. لايشغله الا غذاء .. أو شهوة
نظرت اليهم جميعا ً .. وكأنى أراهم لاول مرة .. وكانى انظر الى اشياء لا اعرفها .
وقبل ان افتح عينى .. شعرت بروحى تنساب فى جسدى من جديد .. وبقلبى وقد هدأت دقاته بعد ان استراح من ترجمات روحى المستعصية .. واذا بجسدى يتململ فى بطء .
وشعرت بتلك الوخزة التى طالما كانت تؤرقنى .. وتؤلمنى .. الأن فقط فهمت .. فهمت مصدر ذاك الألم .. وسبب تلك الوخزة .
انها روحى تختنق .
روحى تختنق فى هذا الجسد الضيق المحدود .. روحى التى تتوق الى الحرية .. تريد أن تهيم فى الافق الرحب .. تريد ان تعيش كما ينبغى لها منطلقة مفعمة بالطاقة .. خلاقة .. خفاقة .
وقلبى يحاول جاهدا ان يلاحقها .. يجاريها ، يحاول ان يخفف عنها ضيق الاسر وقسوة الوحدة ، فيجعل من أعماقه الدافئة مكاناًً لأنس ولقاء .. أنس بالاحبة .. ولقاء بأرواح تآلفت وتعارفت .. هذا الانس وذاك اللقاء هو ما يجعل تلك الروح تستسيغ العيش فى هذا السجن الضيق .. وتتشارك الحياة مع هذا الجسد المحدود .. ومايحمله القلب من حب وما يختزنه من مشاعر مرهفة وما يحتفظ به من طيف الأحبة و نبض المشاعر هو مايجعل تلك الحياة تغدو جميلة وهذا الجسد يصبح سبباً للسعادة .
نُشرت ببوابة الشروق الإلكترونية يوم الأربعاء 12 أكتوبر 2011
نُشرت ببوابة الشروق الإلكترونية يوم الأربعاء 12 أكتوبر 2011