لن يكون كلامى فقهياً ، ولن أتكلم فى الدين ، رغم أنى سأستشهد ببعض الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة .
كلامى هنا مجرد رؤى تراودنى ، أراها ببصيرتى وأستشعرها بروحى ، ولأن الحق المطلق هو كلام رب العالمين ، وأحاديث سيد المرسلين - صلي الله عليه وسلم - لذلك أبحث فيها عما يوافق رؤايا .
بدأت الحكاية منذ عدة أشهر عندما قرأت مشاركة من أحد أصدقائى على الفيسبوك ، محتواها : " أن العبد إذا ملأ قلبه حب غير حب الله عذبه الله بهذا الحب " .
وإليكم المعنى ملخصاً فى هذه الفقرة :
" لو أراد الله بعبده خيراً سلط على قلبه - إذا أعرض عنه وأشتغل بحب غيره - أنواع العذاب حتى يرجع قلبه إليه , وإذا اشتغلت جوارحه بغير طاعته ابتلاها بأنواع البلاء " .
وقعت الكلمة فى قلبى وقتها ، وإستشعرتها ، ولكن ..
بكبرياء المُعرِض رفضت تصديقها ، رغم أن قلبى يصدقها ، وجادلت فيها كثيراً .
وظلت تلك العبارة تراودنى من حين لآخر ، حتى كان يوم .. كتبت فيه جملة قصيرة فى حسابى على تويتر .. قلت فيها :
" تُرى هل تعذبنا أقدارنا ! أم أن قلوبنا تستحق العذاب ! "
نعم .. قلوبنا تستحق العذاب ..
لأنها تعلقت بغير الله ، وأحبت غير الله ، وشُغلت بغير الله .
نعم .. ولم لا !
ألسنا دائماً ندعوا الله ونقول :
" اللهم لاتجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا "
ألسنا نردد حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"مَنْ كَانَتْ الْآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ وَمَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ"
نعم .. ولم لا ..
ألسنا عندما نحب .. لانفكر إلا برضى من نحب ، نفعل أى شيئ حتى يرضى ، نحاول تغيير أنفسنا وطبائعنا وعاداتنا من أجله .
ألسنا عندما نحب .. نتلذذ بالأعمال الشاقة مادامت ترضى من نحب .
ألسنا عندما نحب .. نضحى بسعادتنا من أجل سعادة من نحب ، ونكون وقتها أكثر سعادة ورضى .
ألسنا عندما نحب .. نترك كل شيئ لنحادث من نحب ، ونلتقى بمن نحب .
لانمل أبداً مهما طال الحديث ، ولا نشبع أبداً مهما طال اللقاء .
ألسنا عندما نحب .. نفنى أنفسنا ونتوحد فى من نحب .
نعم .. هناك ألوان مختلفة من العباده ..
و " الحب " .. هو عبادة القلب
لذلك ..
تتعذب قلوبنا .. اذا كان حبنا لغير الله ..
ونحن وقتها نستحق العذاب ..
ربما.. يستاء من كلماتى المحبون ..
لا تستاؤا فأنا واحد منكم .. أشعر بالحب .. وأكتب عنه ..
ولكنها تذكره .. حتى لا ننسى أن أى حب لايكون فى الله ولله فهو وهم ظاهره الرحمه وباطنه العذاب .
وأنا لا أعنى الحب الرومانسي فقط - رغم أنه أشهرهم - بل أعنى أى شيئ نحبه فى هذه الدنيا .
الزوجات .. الأبناء .. المال .. متع الدنيا ..
" زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ "
نعم .. والله عنده حسن المآب ..
أذكر نفسى وأذكركم ، أن نجعل قلوبنا خالصة لله .. نحبه .. ونحب فيه .. وله ..
لعل الله أن يملأ قلوبنا بحبه ، ويرزقنا من يحبوننا فيه ، فنفوز فى الدنيا بحب أحبابه ، ونفوز فى الآخرة بصحبتهم فى كنفه ، وتحت ظل عرشه .
Wael