إنهم يدنسون الحب ..



قديماً كانوا يحذروننا من المحتال أو النصاب ، ذلك الشخص الشديد الذكاء الذى يستخدم ذكاءه ودهاءه ليسلبنا المال .
ذلك الشخص الذكى الذى يتلاعب بأحلامنا، ويستغل طمعنا الانسانى ليجعلنا نتمنى ، لنشعر أننا سنحصل على غنيمة ثمينة . 
وبينما نحن نتمنى .. ونطمع .. ونطمح .. إذا به يسلبنا المال ويختفى سريعاً قبل أن نفيق من أوهـامنا .
قابلنا العديد من المحتالين ، أحيانا نفلت من خططهم المحكمة ، وأحيانا أخرى يتغلبون علينا ويسلبوننا بعض المال ، ولكن لم يكن المال أبداً هو ما يحزننا ، كان دائماً ما يؤلمنا هو أن هذا المحتال ينزع عنا سترنا لنرى أسوأ ما بداخلنا من طمع .. وجشع .. وتهافت على فتات الدنيا .

وعندما كبرنا قليلاً ، ونضجنا كثيراً ، لم يعد هذا المحتال يشغلنا ، ولم يعد له سلطان على عقولنا التى وعت ، وخبرتنا التى تراكمت .
ولكننا وقعنا فريسة لنوع آخر من الأحتيال ، نوع أشد وأقسى ، وقعنا فريسة لذلك المحتال الذى يستغل أجمل ما فينا ، وأطهر مافينا ، من أجل الحصول على مصلحة ما .. أو فائدة ما ..

كان المحتال قديماً .. يستغل أسوأ ما فينا كبشر ، ليحصل على أموالنا ..
وصار المحتال اليوم  .. يستغل أجمل وأطهر ماخلقه الله لنا ..
ليحصل على مال .. أو نفع .. أو مصلحة .

محتال اليوم .. إما أن يستغل رحمتنا .. أو يستغل مشاعرنا وحبنا ..

فالأول .. يأتى إلينا بعيون باكية ، وصوت خاشع ، يشكو إلينا غدر الزمان ، ويسألنا أن نعينه على ما أصابه ، فتلين قلوبنا ، وينفطر فؤادنا وربما تدمع عيوننا ، وتتملكنا الرحمة التى خلقها الله فى قلوبنا ،  فنضحى من أجله قدر ما نستطيع ، و نقف الى جانبه ونساعده بأكثر مما نستطيع .

مثل رجل يصلى الى جوارك فى المسجد ،  تبدوعليه سمات الاحترام ، يتحدث إليك ويعترف لك أنه موظف مرموق ولكنه يمر بمحنة ويحتاج لبعض المال ليتمكن من تلبية طلبات إبنته التى أقدمت على الزواج .
وتلك المرأة التى تبدو عليها علامات الصلاح ، تأتيك لتسألك المساعدة فيما ألم بها من ضيق حال  .
وحديثاً ذلك الرجل حسن الهندام ، حلو اللسان الذى يجوب الطرقات وبصحبته إمرأة يدعى أنها زوجته ، ويتكلم بلهجة غير مصرية ويقول أنه من بلد عربى منكوب تعرض للتهجير والتنكيل .

هؤلاء .. لايحتالون علينا ليسلبوننا بعض المال ..
هؤلاء .. يسلبوننا إنسانيتنا .. يسلبوننا رحمتنا .. يسلبون دوافعنا للخير ..

ربما يتحمل هؤلاء .. أوزار كل من بات محتاجاً وأحجم الناس عن مساعدته ..
ربما يتحمل هؤلاء .. أوزار كل من بات مريضاً ولم يهتم الناس لأمره .. 
ربما يتحمل هؤلاء .. أوزار كل من أضحى شريداً ولم يتعاطف معه أحد ..

والنوع الثانى من الاحتيال .. هو من يستغل حبك ومشاعرك .. ليحصل على عرض زائل .. أو نفع رخيص ..
من يستغل تحرك مشاعر نبيلة بداخلك .. من أجل كسب مادى مقيت .. 
هذا الشخص ينتهك كل  طهر فى قلبك .. 
هذا الشخص يشوه  كل جميل بداخلك .. 
هذا الشخص يدنس معانٍ جميلة عشت عمرك ترفعها وتحتل فى نفسك مكاناً مقدساً .. 
هذا الشخص يدنس حتى ذكرياتك الجميلة لتفقد معناها ونقاءها وروعتها ..

هؤلاء هم : المحتالون الجدد الذين يسلبون من قلوبنا النبض ومن حياتنا الروح .. ويتركوننا فى دنيا مقيته خالية من كل نقاء أو طهر أو معنىً جميل .. 

ليتنا بقينا صغاراً ، يفعل بنا المحتالون القدامى مايحلو لهم ..

ليتهم ..
يسلبون منا المال .. ويتركون لنا الضمير ..
يسلبون منا المال .. ويتركون لنا الرحمة ..
يسلبون منا المال .. ويتركون لنا المثل العليا ..
يسلبون منا المال .. ويتركون لنا الحب ..
يسلبون منا المال .. ويتركون لنا النقاء ..

ليتهم ..
يسلبون منا الدنيا  .. ويتركون لنا الحياة  ..

Wael 
4 May 2013


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق