أرانى كشجرة وارفة الظلال ، متشابكة الأغصان ، كثيفة الأوراق ، وكل ورقة فى غصنى هى صديق مر بى على مدار عمرى فعرفته وعرفنى ، أرتبط به جزء منى ، أكسبنى تلك الخضرة التى تزيننى ، ومنحنى ذاك الظل الذى يميزنى ، أعطيته أنا من رحيق جذعى ، ومنحته عصارة نفسى ، وظللت أحفظه وأحبوه مابقى لى من عمرى .
ولكن بعض الأوراق تسقط من حين إلى آخر ، فينظر الناس إليها ولا يأبهون ، ويقولون ماذا يضير تلك الشجرة الوارفة العامرة بالاوراق الزاهية لو فقدت بعض أوراقها !
مخطئون .. كل ورقة تسقط عنى هى فى الحقيقة بعض منى ، قد كانت لى يوما كل الحياة ، ترقبتها وهى تنمو صغيرة ، غذيتها حباً وحناناً وأهتماماً حتى صارت خضراء غناء جميلة ، وها هى تسقط اليوم فتأخذ معها بعض أيامى ونفسى .
حتى الأوراق الصفراء البالية التى يظن الناس أنها ترهقنى ، وتستنفذ غذائى وتقتلنى ، هى فى الحقيقة جزء منى .. ولولا أنها قررت هى الرحيل عنى ، ماتركتها أبداً . فهى أيضاً عزيزة على نفسى ، فقد كان بيننا أيام وصال ولحظات فضل وقرب ووئام .
مهما تكاثرت الأوراق فى أغصانى سأظل أعتصر ألماً من فراق بعض أوراقى ، و سأظل أحيا خائفاً من خريف يعصف بى فتتساقط عنى بعض ماتحمله أغصانى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق