كانت فجوة عادية فى نهر الطريق ، مثلها مثل
تلك الفجوات الموجودة على طول الطرق وعرضها ، ولكن هذا المطب بالذات لم يكن فجوة
عادية فى نهر الطريق . كان هذا المطب كفيلا
بأن يعود به إلى الوراء لأكثر من عقدين من الزمان ، حيث كان هذا الشارع المزدحم
يكاد أن يخلوا من المارة والسيارات وكل مظاهر الحياة ، لم تكن تلك الأبراج السكنية
الفاخرة موجودة فى ذلك الوقت ، كان الظلام يلف المكان ، والسكون يخيم على الأجواء
، وكانت هى تجلس إلى جواره ، باسمة دامعة ، وكان هو لا يعرف هل يشعر بالسعادة فى
قربها ، أم أن شبح الفراق يجثم على قلبه فيحرمه تلك السعادة التى تمناها طويلاً ،
كان هو نفس المطب الذى أنزلقت فيه سيارته فى تلك الليلة شديدة البرودة ، حالكة
الظلام ، شعر بالقشعريرة تسرى فى بدنه وبالبرودة تشل أطرافه ، هلى هى برودة الذكرى
أم برودة الأجواء ، هل تلك المشاعر المتداخلة أستخرجت كل المرارة التى يختزنها
جسده لتندفع دفعة واحدة فى حلقه فينقبض لها لسانه ، هل هى تلك الأحاسيس التى شعر
بها فى تلك الليلة هى التى جعلت قلبه ينقبض بشدة حتى كادت عيانه أن تزيغا وكادت
أنفاسه أن تتوقف وهى تلهث وراء جرعة هواء تنقذ بها هذا الصدر الشاهق الذى يكاد أن
ينفجر من تلك الزفرات التى أبت إلا أن يتوقف لها الزمان وتفيض لها كل دموع الليالى
والأيام ..
أستيقظ من تلك اللحظة على صوت صاخب غاضب ،
وصياح من حوله ، يطالبه أن يتقدم ويفسح الطريق ، لملم الدمع من عينيه ، وألتقط
ماتبقى من مشاعر الذكرى ، وخاطب نفسه متسائلاً ، أبهذا القدر نختزن الذكرى فى
نفوسنا؟ أبهذا القدر نحتفظ بكل تلك المشاعر على مر السنين ؟ هل تظل كل تلك الآلام والأحاسيس تنتظر حدثاً
صغيرا مثل هذا المطب كى تنفجر بعنف وتطيح بنا من فوق جبل النسيان ، لتجسد لنا
حقيقة أننا لم ننس يوماً أحساساً عاش فينا وعشنا به .
Wael
14-2-2012
Wael
14-2-2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق