جلس فى ركنه الخاص فى ذلك المكان الساحر الذى يفيض بالجمال .. الأركان .. الأضواء .. حتى الأصوات حالمة وعذبة .. العيون ملؤها الحب .. والهمسات تحمل الحنان .. والوجوه تشرق بالبسمات ، جلس ينظر إليهم .. لكم يحبهم .. لكم يشعر بالدفء والأمان وهو معهم .. إعتاد أن يأتى كل يوم ليجلس بينهم .. يبادلهم الكلمات .. النظرات .. يتمتع بإحساسهم المرهف .. ولفتاتهم الحميمة .. حتى أصبح يقضى بينهم وقتاً أطول يوماً بعد يوم .
كان يشعر بالسعادة التى بحث عنها كثيراً حتى وجدها بينهم .
كان يشعر أنهم جزء من حياته .. بل هم الجزء الأجمل فى حياته .. وأصبح هذا الركن الهادئ يمثل له الكثير .. ويعنى له الكثير والكثير .. لم يكن يريد أكثر من ذلك الدفء .. ومن هذا الود والحب .
واليوم كان منقبض الأسارير .. حزين .. قد إنتباته النوائب .. وتملكه الحزن .. وضاقت به الدنيا ، ذهب إلى ركنه الهادئ يبحث عن نظرة تمسح ألم قلبه .. عن كلمة تَذهب حزن نفسه .. عن دفء يُذيب جليد صدره . لكنه لم يجد منهم إهتمام .
هى نفس النظرات .. والبسمات .. والكلمات ، لكنه لم يشعر أنها موجهة إليه ، كأنها أعيرة نارية تطلق فى الفضاء .. يظن من يسمعها أنها حقيقية ، لكنها فى الواقع صوت بلا معنى .
كأن الدفء كان لحظياً .. والود كان إفتراضياً .. والحب كان محض سراب .
كانوا حوله هم هم . لم يتغير منهم أحد .. لكنه شعر بأنه وحيد بينهم .. شعر بأنه غريب فى ركنه الخاص .
وبرق السؤال فى عقله الشارد .. هل إذا غاب عنهم سيفتقدوه ؟
هل إذا جاءته النهاية سيذكروه ؟
كيف وهو بينهم وهم لايشعرون به إلا لحظات .. ولا يلتفتون لما حل به من أزمات .
نظر من حوله .. هل كان يحلم !! هل كان يتخيل !! هل كان يظن أنه بينهم وهو فى الحقيقة يجلس وحده فى مكان بعيد ناءٍ لا يشعر به أحد ولن يفتقده فيه أحد !!
أو كأنه يجلس فى مكان صاخب يعج بالناس لكنهم أغراب لايعرفهم ولا يعرفونه ، شعر بأنه يجلس فى محطة للقطارات .. الناس فيها مسافرون .. أو عائدون .. أو مودعون . الأجساد تتدافع من حوله .. والناس يتسارعون من كل مكان .. ربما يبتسمون .. ربما يتبادلون كلمات الترحيب والوداع .. ربما يشعر الناظر إليهم أنهم يفيضون حباً ووداً وحناناً .. ولكنهم فى الحقيقة يتدافعون ليذهب كل منهم إلى وجهته .. لا يعبئون بمن يكل .. أو يمل .. أو يعتصر ألماً .
هل هذا الركن الجميل الذى طالماً أمضى فيه أسعد اللحظات .. هل هذا الركن يقبع فى خياله وحده ؟؟ وهو يظن كل ركن يجلس فيه هو هذا الركن الغالى !!
هل هو الخيال !! هل هى الأمنيات !! أم هو الوهم بعينه ؟
احساسك غاية فى الجمال والروعة
ردحذف